غاري أونيل يستحق بجدارة لقب أفضل مدير فني هذا الموسم

غاري أونيل يستحق بجدارة لقب أفضل مدير فني هذا الموسم

عندما كان غاري أونيل يقترب من نهاية مسيرته الكروية كلاعب، كان يجمع بين اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز ولعب الغولف. وفي عام 2012، فشل في محاولته الوصول إلى البطولة المفتوحة على ملعب رويال ليثام وسانت أنيس، وهو أحد الملاعب المفضلة لأسطورة الغولف تايغر وودز.

ويتذكر زملاء أونيل السابقون أنه كان يتصفح مجلات الغولف بحثاً عن الكمال، ويبحث في الصفحات عن نصائح يمكن وضعها موضع التنفيذ في نادي لندن، في منطقة كينت، وهي موطنه المحلي في ذلك الوقت. وفي أوقات فراغه كان يتنافس في البطولات الاحترافية وأصبح مهووساً ببطولة الأساتذة للغولف.

يُعد هذا بمثابة دليل واضح على إرادته الكبيرة على تحقيق النجاح في أي شيء يفعله. وخلال الصيف الماضي، أُقيل أونيل من منصبه كمدير فني لبورنموث، بعد 37 مباراة من أول مهمة تدريبية له، على الرغم من نجاحه في الإبقاء على الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز.

وعلى الرغم من قسوة هذا القرار، استأنف أونيل مسيرته التدريبية وعاد لتولي القيادة الفنية لوولفرهامبتون وهو متعطش لإثبات نفسه كمدير فني على مستوى النخبة، وفي النادي الذي فقد فيه جولين لوبيتيغي شغفه وقدرته على التحدي.

والآن، وللمرة الثانية في غضون 12 شهراً أو نحو ذلك، يستحق أونيل تماماً الترشيح لجائزة أفضل مدير فني في الموسم، بعدما قاد وولفرهامبتون للابتعاد بنقطة واحدة فقط عن المركز السابع في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، قبل المباراة التي خسرها الفريق أمام نيوكاسل بثلاثية نظيفة يوم السبت الماضي.

وعلاوة على ذلك، هناك فرصة لوصول الفريق للدور نصف النهائي لكأس الاتحاد الإنجليزي على ملعب ويمبلي، في حال الفوز على كوفنتري سيتي. وبالتالي، فإن ما كان من المفترض أن يكون موسماً بائساً تحول الآن إلى موسم جيد للغاية بالنسبة لوولفرهامبتون.

ويجب أن نشير هنا إلى أن وولفرهامبتون أسند مهمة قيادة الفريق لأونيل قبل ما يزيد قليلاً عن 48 ساعة من بداية الموسم، وقبل 5 أيام فقط من أول مباراة للفريق في الموسم أمام مانشستر يونايتد.

وبالتالي، من حق جمهور وولفرهامبتون أن يتخيل ما كان يمكن أن يحققه الفريق لو حصل أونيل على الوقت الكافي خلال التحضير للموسم الجديد. وسرعان ما ترك أونيل بصمته على الفريق، الذي قدم أداء رائعاً في الجولة الافتتاحية للموسم أمام مانشستر يونايتد، رغم خسارته في هذه المباراة. ورغم النتائج الضعيفة في بداية الموسم.

وهو الأمر الذي تفاقم بسبب الهزيمة في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة أمام إيبسويتش تاون، رغم أن وولفرهامبتون كان متقدماً في البداية بفارق هدفين، لكن الفريق استعاد عافيته تماماً منذ فوزه على مانشستر سيتي، ولم يتعرض لكثير من الانتكاسات منذ ذلك الحين.

وإذا كان هناك أي شيء محبط حقاً، فإنه يتمثل في سلسلة قرارات الفار التي كلفت الفريق كثيراً من النقاط، حيث اعترفت لجنة الحكام التابعة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بوجود أخطاء تحكيمية في مباريات الفريق أمام كل من مانشستر يونايتد ونيوكاسل وفولهام.

لقد أدرك مسؤولو وولفرهامبتون أن أونيل مدير فني استثنائي عندما تحدثوا معه لأول مرة، حيث انبهروا بالتفاصيل التي قدمها المدير الفني الإنجليزي الشاب خلال مقابلة استمرت 3 ساعات لخص خلالها العمل الذي قام به مع بورنموث، وكيفية دراسته للمنافسين، وطريقته المفضلة في اللعب، وكيف يمكن أن يتطور الفريق، كما سلط الضوء على مجموعة أساسية من لاعبي وولفرهامبتون الذين يثق بهم كثيراً ويشعر أنه قادر على تطوير مستواهم.

وبالنسبة للمدير الرياضي لوولفرهامبتون، مات هوبز، الذي استطلع آراء المدير الرياضي السابق لليفربول، مايكل إدواردز، وآخرين على دراية بالطريقة التي كان يعمل بها أونيل مع فريق ليفربول تحت 23 عاماً في أول دور تدريبي له، فقد أصبح الأمر يتعلق بسرعة إنهاء التعاقد مع هذا المدير الفني الواعد.

غاري أونيل وسعادة عارمة بالفوز على توتنهام (رويترز)

ويعترف أونيل، البالغ من العمر 40 عاماً، الذي يتحلى بالهدوء والتواضع، بأنه ليس اسماً كبيراً في عالم التدريب مثل لوبيتيغي، ويتفهم السبب الذي جعل عدداً كبيراً من المشجعين يرون أن التعاقد معه بمثابة خطوة مخيبة للآمال. والآن، من الإنصاف أن نقول إن أونيل قد استمال هذه الجماهير وجعلها تقف في صفه تماماً.

ربما طغت أعمال العنف المشينة على احتفالات أونيل الحماسية بعد فوز فريقه في مباراة الديربي أمام وست بروميتش ألبيون في كأس الاتحاد الإنجليزي في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن أونيل وجماهير وولفرهامبتون تشاركوا الاحتفالات سوياً في لحظة استثنائية بعد نهاية هذه المباراة.

لقد أثار أونيل حماس الجماهير من خلال الإشارة إليهم بقبضة يده 3 مرات، وفعل نفس الشيء خلال الشهر الماضي في تشيلسي بعد الفوز المثير للإعجاب الذي حققه فريقه على «البلوز» بـ4 أهداف مقابل هدفين، وهي المباراة التي دفع خلالها بالقائد ماكس كيلمان وماريو ليمينا في خط الوسط.

وكرر أونيل احتفالاته مع الجماهير بنفس الشكل في منتصف الأسبوع بعد فوز وولفرهامبتون على برايتون ليضمن مكاناً في دور الثمانية للكأس. وقال أونيل: «لكي أكون صادقاً، لم أستمتع بهذه المباراة، لكن يبدو أن المشجعين استمتعوا بها. والآن، أنا مجبر نوعاً ما على الاستمتاع بذلك بسبب الجماهير».

لقد ترك أونيل بصمة كبيرة على أداء فريقه منذ اليوم الأول لتوليه المسؤولية. وانبهر لاعبو وولفرهامبتون باهتمامه بأدق التفاصيل، وشعروا بالقدرة على تطبيق أفكاره وفلسفته داخل الملعب.

والآن، أصبح شعار «مجموعة واحدة» الذي يتبناه فريق وولفرهامبتون، والذي قد يسخر منه البعض باعتباره شعاراً تسويقياً فارغاً، يبدو مناسباً تماماً للفريق. يقول ليمينا: «لا يوجد إحباط في غرفة خلع الملابس، فنحن جميعاً نعرف أننا سنلعب في وقت ما، ونحن جميعاً جزء من المجموعة».

ولعل هذا هو أعظم إنجاز لأونيل، حيث نجح في تحفيز مجموعة اللاعبين الذين كانوا مستبعدين من قبل لوبيتيغي الصيف الماضي، وخلق منافسة شرسة بين جميع اللاعبين على حجز مكان في التشكيلة الأساسية للفريق.

وكان روبن نيفيز، وماثيوس نونيز، وناثان كولينز، وراؤول خيمينيز من بين أولئك الذين رحلوا عن الفريق من أجل ضبط الأمور المالية والتأكد من عدم انتهاك قواعد الربح والاستدامة.

لقد بدا رحيل هؤلاء اللاعبين المميزين مثيراً للقلق، لكنه سمح للاعبين آخرين بأن يشاركوا ويُظهروا قدراتهم الحقيقية ضمن فريق نشيط ونابض بالحياة.

وكان الظهور المستمر لبيدرو نيتو، الذي يُعد أحد أبرز اللاعبين في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، وجواو غوميز، لاعب خط الوسط القوي الذي أثبت أنه يستحق الـ15 مليون جنيه إسترليني، التي دفعها النادي للتعاقد معه، وماتيوس كونيا، الذي تحرر أخيراً من ضغوط التعاقد معه بمقابل مادي كبير بلغ 44 مليون جنيه إسترليني، أمراً ملفتاً للنظر، كما نجح أونيل في تطوير مستوى كل من هوانغ هي تشان، وريان آيت نوري.

يقدم ليمينا وكريغ داوسون مستويات جيدة منذ انضمامهما للفريق قبل ما يزيد قليلاً عن عام، لكن التأثير الأكثر وضوحاً حقاً كان في الثلث الأخير من الملعب: «أضعف خط هجوم في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي أصبح الآن يتحلى بفاعلية كبيرة للغاية، حيث سجل 40 هدفاً هذا الموسم، أي أكثر بـ9 أهداف من إجمالي عدد الأهداف التي سجلها الفريق خلال الموسم الماضي بأكمله».

سيكون أونيل أول من ينسب الفضل للآخرين، وقد قام طاقمه الفني بعمل رائع حقاً، بما في ذلك مساعده تيم جينكينز، الذي عمل معه في ليفربول وبورنموث، ومدربا الفريق الأول إيان بورشنال، المدير الفني السابق لأوسترسوند ونوتس كاونتي، وشون ديري، لاعب خط وسط كريستال بالاس السابق. لقد عمل أونيل وطاقمه الفني بلا كلل أو ملل لبناء خط دفاع قوي يساعد الفريق على شنّ الهجمات والتحول للمناطق الأمامية وهو مطمئن.

وبعد الهزيمة أمام ليفربول في سبتمبر (أيلول) الماضي، تحدث أونيل عن اللاعبين «الذين يلعبون وفق أهوائهم الخاصة لأن هذه هي الطريقة التي كانوا يلعبون بها لفترة طويلة جداً»، بعد أن سدّد حارس المرمى خوسيه سا الكرة بشكل مباشر إلى الظهير الأيسر لليفربول، آندي روبرتسون، الذي وضع الكرة داخل الشباك بعد ثوانٍ معدودة.

وكانت رسالة أونيل إلى لاعبيه قبل الفوز على مانشستر سيتي توضح بالتفصيل مقدار العمل المطلوب للفوز على أفضل المنافسين، حيث قال: «لو تعاملنا مع الأمر بشكل صحيح من الناحية التكتيكية، فستكون لدينا فرصة حقيقية لتحقيق الفوز».

* خدمة «الغارديان»